يربط كثير من المتداولين سواء المبتدئين أو حتى بعض المحترفين، يربطون نجاحهم بقدرتهم على التحليل الفني، وعندما لا تتطابق رؤيتهم الفنية مع حركة السوق يصابون بالاحباط والتوتر ويبدأون شيئا فشيئا يفقدون الثقة فيما تعلموه وفي استراتيجيتهم وفي النهاية في السوق بشكل كامل،
النجاح في التداول يتطلب مهارات ومعرفة تتجاوز التحليل الفني، بل ان المعرفة في التحليل الفني لا تتجاوز أهميتها 30% من وجهة نظري
وللنجاح في التداول، أيا كان نوعك كمتداول، وأياً كان السوق الذي تتداول فيه، تحتاج الأركان التالية:
1. العلم والمعرفة بأساسيات السوق الذي تعمل فيه
من خلال تعلم طريقة عمل السوق، ومن هم أبرز اللاعبين فيه، والمفاهيم الأساسية في ذلك السوق من مصطلحات اقتصادية ومالية، وتعاريف أساسية، فمثلا، عندما تريد النجاح في التداول في سوق الأسهم، لابد أن يكون لديك خلفية معرفية بتعريف الأسهم وماهي طريقة تداولها وما معنى اكتتاب، حقوق أولوية، العائد على السهم، مكرر الربحية.. الخ
2. الحالة النفسية والذهنية للمتداول
يقلل الكثيرون من هذا الركن المهم للنجاح في تداول أسواق المال، ويعتقدون أنه لا تنطبق عليهم ما ينطبق على الاخرين من تأثير الحالة النفسية والذهنية للمتداول على قراراتهم في التداول، على الرغم من معرفتهم بأن السوق تحركه عوامل الخوف والطمع والندم والتمني
فالمتداول يعتقد انه يتخذ قراراته منطقيا، ولا يدري أنه يتخذها عاطفيا، حتى وإن أنكر أنه هو خائف أو غاضب أو نادم..
فعلى المتداول أن يعي الجوانب النفسية والذهنية، ويتعرف على حالته أثناء التداول ومع الوقت يستطيع أن يبرمج عقله الباطن على اتخاذ القرارات العاطفية بما يخدم خطته واستراتيجيته وليس بما تعود عليه في السابق
3. الإدارة المالية للمحفظة الاستثمارية
من وجهة نظري، أعتبر أن هذا الركن هو أهم أركان النجاح في التداول، فهو الذي يضبط اتخاذ القرارات بمنطقية بعيدا عن العاطفة، وهو الذي يساعد المتداول في اتخاذ قراراته بناء على قواعد ثابتة وشروط محددة من خلال ثلاث أمور:
- إدارة المحفظة ومعرفة كميات التداول لكل صفقة وتقسيم المحفظة بشكل عام
- إدارة المخاطر من خلال تحديد هوامش المخاطر العامة وهوامش المخاطر الزمنية (الشهرية والأسبوعية واليومية) واختيار الفاصل الزمني المناسب في التداول
- إدارة الصفقة وذلك من خلال تحديد وقف الخسارة وهدف التخلص من المخاطر وطريقة الخروج من الصفقة تماما
4. أدوات التداول
لن ينجح المتداول في سوق المال بدون معرفة طريقة استخدام الأدوات الفنية للتداول، مثل القدرة على التعامل مع منصة الرسم البياني والبرامج المصاحبة، ومنصة التداول وفهم أوامر الشراء والبيع وطريقة التنفيذ، ومعرفة الاستخدام الأساسي لبرنامج الاكسل لتوثيق الصفقات وتحليل النتائج بالاضافة الى تجهيز مكتب العمل تجهيزا فنيا من أجهزة وشاشات واكسسوارات وغيرها بالاضافة الى التحقق من سلامة الاتصال بالبيانات وسرعة وثبات الانترنت من مزودي الخدمة
والتحقق من موثوقية الوسيط المالي وقدرته على خدمة المتداول بسرعة واتقان وامان
5. التحليل واستراتيجية التداول
وهنا يركز أغلب المتداولون، ولا بأس من اعطاء التحليل أهميته ولكن الإشكالية تكمن في تجاهل الأركان الأخرى، ومن المهم الإشارة أن هذا الركن ليس فقط في التحليل الفني، بل التحليل بشكل عام فقط يكون تحليلا فنيا أو ماليا أو أساسيا أو خليط من الثلاثة، خلاصة القول أن المتداول عليه أن يتعلم التحليل ومن ثم يجمع ما تعلمه في استراتجية تداول يستطيع تنفيذها بما يتناسب مع شخصيته وحجم محفظته ونوع السوق الذي يتداول فيه، فليس شرطا ان تناسب الاستراتيجية جميع المتداول، فربما تنجح الاستراتيجية مع متداول وتفشل تماما مع الاخر
وأخيراً وليس آخراً..
فالنجاح في التداول يتطلب أمرا مهما وهو اكتساب الخبرة والمهارة، فالتداول مهارة تتطور بالممارسة، وكثرة الممارسة وهذا يحتاج الى الصبر والوقت ولا يمكن اختصار الخبرة أو شراءها في يوم واحد، ومهما وصلت من المعرفة والفهم، فستجد نفسك بعد كل صفقة تتعلم شيء جديد ينفعك في الصفقة التالية. بل ان الصفقات الخاسرة هي التي نتعلم منها أكثر مما نتعلم من الصفقات الرابحة
لذا استثمر صفقاتك الخاسرة بأن تتعلم منها على الأقل، فمن الظلم لنفسك أن تخسر المال في صفقة، ولا تتعلم منها!
تداول خطتك.. وخطط لتداولك
نتلقيكم في مقالة قادمة
محمد اليحيى
